خليلية: "الاستيطان الرعوي" سلاح اسرائيل لتهجير الفلسطينيين والتهام الضفة الغربية

خليلية:
تقارير وحوارات

 

 غزة/ سماح المبحوح:

أكد المحلل السياسي والخبير في شؤون الاستيطان سهيل خليلية، أن البؤر الاستيطانية الرعوية باتت أداة فعالة للاستيلاء على مزيد من أراضي الفلسطينيين، تقوده جماعات استيطانية متطرفة مدعومة من حكومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي.

ورأى خليلية في حديثه لـ "الاستقلال" أن البؤر الاستيطانية الرعوية شكلت في الأعوام القليلة الماضية نقطة انطلاق لترحيل التجمعات البدوية بشكل خاص والاعتداء عليهم.

وكشفت صحيفة "يسرائيل هوم" عن توسع غير مسبوق في إقامة مزارع رعوية استيطانية على أراضي زراعية وجبلية واسعة، يسيطر عليها مستوطنون متطرفون من تنظيم "شبيبة التلال"، إذ ارتفع عدد هذه المزارع من صفر في عام 2021 إلى 133 مزرعة في العام 2025، ضمن خطة تستهدف السيطرة التدريجية على أراضي المنطقة (ج) التي تمثل نحو 60% من الضفة الغربية.

وتُستخدم هذه المزارع في تربية الأغنام والأبقار، ليس لأغراض اقتصادية، بل كوسيلة فعلية لتوسيع السيطرة الاستيطانية ومنع الفلسطينيين من استخدام أراضيهم.

وأكدت الصحيفة أن هذه البؤر الاستيطانية الرعوية تشكّل ركنًا محوريًا في استراتيجية حكومة بنيامين نتنياهو لتعميق الاستيطان، وتحظى بدعم سياسي وعسكري مباشر، في وقت تُنفذ فيه اعتداءات متكررة ضد الفلسطينيين المقيمين قربها.

أسلوب سرقة حديث

وقال:" الاستيطان الرعوي أحدث أسلوب لجأت له حكومة الاحتلال ومجلس المستوطنات لتسهيل عملية الاستيلاء على مساحات مفتوحة وغير محدودة من الأراضي خاصة المصنفة ج في الضفة الغربية المحتلة".

وأضاف:" الاحتلال استنفذ بشكل وبآخر كثير من الحجج للاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، مثل تصنيفها كمناطق عسكرية مغلقة أو محمية طبيعية أو مناطق إطلاق نار أو حتى أراضي دولة، من أجل ترحيل الفلسطينيين، خاصة التجمعات البدوية".

وأوضح أنه لا يوجد أرقام نهائية أو واضحة لمساحة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وتصنيفها بالبؤر الرعوية، إنما التقديرات تشير إلى أن المساحات الواقعة تحت سيطرة البؤر الرعوية تتجاوز 300 ألف دونم.

وبين أن تحديد عدد البؤر الرعوية يعتمد على إعطائها شرعية قانونية من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومخطط هيكلي للبناء، مشيرا إلى أن الرعي تحوّل إلى سياسة أمر واقع تُقصي الفلسطينيين من أراضيهم من دون قرارات رسمية أو أوامر مصادرة.

ولفت إلى أن مصطلح "الاستيطان الرعوي" بدأ بالظهور في السنوات الأخيرة ليصف نوعاً جديداً من الاستيطان، يعتمد على إنشاء مزارع صغيرة للأبقار والمواشي تُدار من قبل مستوطنين، غالباً من التيارات الدينية المتشددة (حركات يهودية دينية تؤمن بأن الاستيطان وفرض السيطرة على أرض الميعاد واجب ديني)، وتُستخدم لتحديد السيطرة الميدانية على الأراضي.

وشدد على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي استغنت عن المؤسسة الرسمية لترحيل التجمعات البدوية وسلّطت المستوطنين من خلال البؤر الزراعية والرعوية، التي وضعتها بالقرب من التجمعات البدوية لحرمانها من المراعي، وبالتالي تهجيرها من أراضيها.

وأكد أن الاستيطان الرعوي مرتبط بالقرار الصادر حديثا وهو تسوية الأراضي بمناطق "ج" الخاص بتسجيل الأراضي بأسماء المستوطنين بشكل مباشر، حيث إذا تم تثبيت ملكية المستوطن لقطعة أرض تحت مسمى بؤرة رعوية فإن حكومته تعمل على تسجيلها بإسمه من خلال إجراءات داخل الإدارة المدنية، وبالتالي يفتح المجال لتسجيل مساحات شاسعة من الأراضي بأسماء مستوطنين.

وشدد على أن خطورة الاستيطان الرعوي أنه غير محدود المساحة، ويفتح المجال للاستلاء على الأراضي الموجودة بمناطق "ج" التي لم يتم فيها تجديد تسجيل الملكيات، فهي مسجلة بأسماء قديمة قبل العام 48 و67، حيث أن عمليات تسجيل المليكات بأسماء ورثة لم يتم بشكل كامل بمناطق الضفة منذ ذلك الوقت.

 

 

قال سهيل خليلية، المحلل السياسي والخبير في شئون الاستيطان، إن مخططات الاحتلال الاستيطانية التي يتم طرحها تتماشى مع رؤية سموتريتش الذي يقول إن من يمتلك الأرض يمتلك السيادة عليها، وبالتالي الفكرة عند الحكومة المتطرفة أنه يجب زيادة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية وتوسيع مناطق نفوذ المستوطنات في مناطق مختلفة.

حقائق رسمية

يشار إلى أن منظمات حقوقية محلية ودولية رصدت عشرات الحالات التي مُنع فيها المزارعون الفلسطينيون من الوصول إلى أراضيهم التي اعتادوا زراعتها لعقود، بسبب وجود الأبقار التي يطلقها المستوطنون في تلك المناطق.

وتُظهر بيانات مركز المعلومات الإسرائيلي في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، أنّ أكثر من 18 تجمّعاً بدوياً فلسطينياً جرى تهجيرها خلال السنوات الأخيرة بسبب ضغوط متواصلة من المزارع الاستيطانية الرعوية، يشمل ذلك طرد العائلات الفلسطينية من مساكنها، ومصادرة المواشي، وتقييد حركة المياه والرعي.

وفي الأغوار الشمالية وحدها، اضطر أكثر من 1,000 فلسطيني إلى مغادرة أراضيهم منذ 2020، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة وحرمانهم سبل العيش الأساسية.

وبحسب إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ، (OCHA) فإن مئات الفلسطينيين نزحوا من مناطقهم في الضفة بسبب العنف المرتبط بالمستوطنين، معظمهم من مناطق تُستخدم فيها الأبقار كوسيلة للسيطرة على الأرض. وفي سياق تمدد المزارع الاستيطانية الرعوية، سجّلت الضفة الغربية تصاعداً لافتاً في الاعتداءات الإسرائيلية خلال عام 2025، ولا سيما في المناطق المحاذية لتلك المزارع.

وبحسب معطيات قوات الاحتلال ذاته، بلغ عدد الاعتداءات التي نفذها مستوطنون إسرائيليون ضد فلسطينيين خلال الشهرين الأولين من العام الجاري 139 اعتداءً، بمعدل مرشح لتجاوز 800 اعتداء سنوياً إذا استمرت الوتيرة التصاعدية الحالية، وتتركز نسبة كبيرة من هذه الهجمات في مناطق الأغوار وجنوب نابلس، حيث تنتشر المزارع الرعوية بشكل لافت.

التعليقات : 0

إضافة تعليق